إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الذِي كرَّمَ الإنسانَ، وفضَّلَهُ علَى كثيرٍ مِنْ مخلوقاتِهِ فِي هذِهِ الأكوانِ، فقالَ عزَّ مِنْ قائلٍ:
( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الذِي جعلَهُ اللهُ الأُسوةَ للعالمينَ والقدوةَ للهُداةِ المهتدينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ. أيهَا السادةُ: إنَّ حرمةَ الإنسانِ فِي دمِهِ ومالِهِ وعِرْضِهِ قدْ صانَهَا اللهُ تعالَى ، فلاَ يجوزُ لأحدٍ أنْ يعتدِيَ عليهَا أَوْ يَمْتَهِنَهَا إلاَّ بحقٍّ ظاهرٍ ودليلٍ واضحٍ، وأَكَّدَ ذلكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حديثِهِ الصحيحِ حينَ قَالَ :« كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ »(أخرجه مسلم). وَعِرْضُ الإنسانِ هوَ مَا يُمدَحُ ويُذَمُّ منْهُ سواءً كانَ فِي نفسِهِ أوْ أهلِهِ أو نسبِهِ. إنَّ الحقَّ سبحانَهُ وتعالَى قَدْ أمرَنَا باجتناب الظنونِ والأوهامِ التِي تسيء إلَى الناسِ فِي سمعتِهِمْ وأعراضِهِمْ وأهلِهِمْ، أوْ تَتَّهِمُهُمْ بأمرٍ مُنكَرٍ أوْ قبيحٍ يُؤذِيهِمْ، وقدْ جاءَ فِي الحديثِ الشريفِ :« إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ »(أخرجه البخاري). وهذَا الظنُّ الذِي هوَ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ هوَ التهمةُ التِي لاَ دليلَ عليهَا، ولاَ حجةَ علَى وُقُوعِهَا، فيُصْدِرُ الظانُّ بِهَا حُكْمًا جائرًا علَى شخصٍ مَا، ويعتقِدُ فيهِ مَا ليسَ واقعًا منْهُ، وهذَا ظلمٌ وعدوانٌ لهُ نتائجُ وخيمةٌ علَى هذَا الظانِّ وعلَى غيرِهِ مِنَ الناسِ فِي العاجلِ والآجلِ، وكَمْ أوردَتِ الظنونُ السيئةُ أصحابَها الموارِدَ، وقادَتْهُمْ إلَى المهالِكِ، قالَ اللهُ سبحانَهُ وتعالَى:( وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الخَاسِرِينَ) وعَنْ أُمِّ المؤمنينَ صَفِيَّةَ ابْنَةِ حُيَىٍّ رضيَ اللهُ عنهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفاً، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ، فَانْقَلَبْتُ -أَيْ رجعْتُ- فَقَامَ مَعِى لِيَقْلِبَنِى -أَيْ لِيَردَّنِي إلَى منْزِلِي- فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:« عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ ». فَقَالاَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ :« إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِى قُلُوبِكُمَا سُوءاً -أَوْ قَالَ- شَيْئاً»(أخرجه البخاري). فقَدْ أشفَقَ عليهِمَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يقَعَا فِي الظنِّ السيئِ فيهلَكَا. أيها الأخوة الكرامِ: إنَّ حُسنَ الظنِّ بالناسِ ومراعاةَ حرماتِهِمْ وحقوقِهِمْ دليلٌ علَى حُسنِ الإيمانِ وسلامةِ الصدْرِ ورفعةِ الأخلاقِ وكمَالِ العبادةِ، قالَ تعالَى :( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ) ويقول عز وجل:( وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) وإنَّ سُوءَ الظنِّ بدايةُ كُلِّ سوءٍ ومصدرُ الشرورِ والآثامِ، وفِي طليعتِهَا الحسدُ والبغضاءُ، وهُمَا أساسُ كُلِّ نقيصةٍ وبلاءٍ، وقديمًا قالُوا : إذَا ساءَ فِعلُ المرءِ ساءَتْ ظنونُهُ. ومِنْ هنَا أيها الأخوة: ينبغِي لِمَنْ يخافُ علَى دنياهُ وأخراهُ أنْ لاَ ينجرِفَ فِي هذَا الطريقِ الصعْبِ ويصدِّقَ كُلَّ مَا يُقالُ أوْ يَروِي ويحكِي بدونِ تَثَبُّتٍ ولاَ رَوِيَّةٍ، فلِلشيطانِ إلَى قلبِ الإنسانِ وعقلِهِ مداخلُ كثيرةٌ وعديدةٌ، وقدْ جاءَ فِي الحديثِ الشريفِ :« كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ »(أخرجه مسلم). وفِي روايةٍ :« كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ »(رواه أبو داوود). وفِي هذَا الحديثِ الزجرُ والنهيُ عَنِ التحدُّثِ والكلامِ بشيءٍ لاَ يكونُ الْمُتَحَدِّثُ متأكدًا مِنْ صدْقِهِ وحقيقتِهِ، لأنَّ العادةَ فِي واقعِ الحياةِ أنَّ الإنسانَ يسمعُ الحقَّ والباطلَ، فإذَا تحدَّثَ بِكلِّ مَا سمعَهُ فكأنَّهُ شاركَ فِي الكذبِ لإخبارِهِ بِمَا لَمْ يكُنْ -بنقْلِهِ لَهُ- فيلحَقَهُ بذلكَ الإثمُ والمؤاخذةُ، فلينظُرْ كُلُّ امرئٍ مَا يقولُهُ بفِيهِ ويذكُرُهُ بلسانِهِ، وليتذكَّرْ قولَ اللهِ تعالَى :( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول:" ما أطيبك وأطيب ريحك، وما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله تعالى حرمة منك، ماله ودمه وأن يظن به إلا خيرا"رواه ابن ماجه. ولقد أحسن القائل: اغتنم ركعتين زلفى إلى الله .. إذا كنت فارغا مستريحا وإذا ما هممت بالنطق في الباطل... فاجعل مكانه تسبيحا فاغتنام السكوت أفضل من خوض... وإن كنت في الحديث فصيحا ألا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على سيد البشر، المصطفى الأغر، الشافع المشفع في المحشر، فقد ندبكم لذلك المولى تبارك وتعالى وأمر، في أفضل القيل وأصدق الخبر، ومحكم الآيات والسور، فقال سبحانه قولاً كريماً: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيما .
الخميس يناير 05, 2012 3:37 pm من طرف بنت القدس
» تهنئه بمناسبه عيد الاضحى المبارك
السبت أكتوبر 01, 2011 8:32 am من طرف مراد
» اسباب لاجلها البنات يحسدون الشباب ....أدخل وشوووووووف
الثلاثاء يناير 04, 2011 1:30 pm من طرف البنت الشرقيه
» بهدوء واحترام السلام عليكم
السبت ديسمبر 18, 2010 8:34 pm من طرف المقدسي
» كيف يحب الرجل..
الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 12:49 pm من طرف بسمه
» في خاطري كلمه ويمكن تبكيك!
الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 10:20 am من طرف بسمه
» الف الف الف مبروك ل ابو كرم
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 7:40 pm من طرف مراد
» الاعضاء الاعزاء صباحكوا روعه
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 10:20 am من طرف ابو كرم
» الشيخ رائد صلاح
الإثنين سبتمبر 27, 2010 7:01 pm من طرف مراد