بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
اسم الشاعر أحمد شوقي
العصر حديث
عدد الأبيات 190
البحر بسيط
الروي ميم
الغرض مدح
مصدر القصيدة الشوقيات (1/150-160)، تقديم حسين هيكل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان
المناسبة قالها معارضة لبردة البوصيري
1 ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ *** أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
2 رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا *** يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ
3 لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً *** يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي
4 جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي *** جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ
5 رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ *** إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ
6 يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ *** لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ
7 لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ *** وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ
8 يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا *** أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ
9 أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى *** أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ
10 سَرى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَسا *** وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ
11 مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًا *** اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي
12 السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى *** يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ
13 القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ *** وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ
14 العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما *** أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ
15 المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْ *** عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ
16 الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًا *** أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ
17 مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا *** لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ
18 يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ *** إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ
19 وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى *** يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ
20 يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَميِّ جانِبُهُ *** أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ
21 ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ *** أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ
22 مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ *** وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ
23 بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ *** وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ
24 لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًى *** مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ
25 يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ *** وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ
26 فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ *** كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ
27 مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ *** مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ
28 يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها *** جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ
29 لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها *** المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ
30 كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ *** لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ
31 طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ *** وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ
32 كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ *** إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمُ
33 يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها *** مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ
34 رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما *** أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ
35 هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها *** وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ
36 صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ *** فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
37 وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ *** وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ
38 تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى *** طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ
39 إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ *** في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ
40 أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى *** مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ
41 إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ *** عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ
42 وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ *** قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ
43 لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن *** يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ
44 فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ *** ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ
45 عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ *** في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ
46 يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ *** وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ
47 مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ *** وَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ
48 وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ *** مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي
49 سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً *** فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ
50 قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ *** مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ
51 نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا *** وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي
52 حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ *** نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ
53 لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُ *** بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ
54 سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما *** مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ
55 كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِما *** بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ
56 وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما *** أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ
57 يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ *** وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ
58 لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ *** فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ
59 وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ *** غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ
60 مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها *** قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ
61 إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها *** يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ
62 وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُها *** لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ
63 هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْ *** أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ
64 فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها *** وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ
65 تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ *** رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ
66 يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ *** هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ
67 لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ *** وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ
68 فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ *** بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ
69 جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ *** وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ
70 آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ *** يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ
71 يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ *** يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ
72 يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً *** حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ
73 حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ *** في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ
74 بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ *** تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ
75 سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ *** في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
76 تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ *** وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ
77 ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ *** مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ
78 أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ *** إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ
79 وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ *** لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ
80 مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ *** وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ
81 يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ *** وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ
82 وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ *** كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ
83 أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ *** وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ
84 لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْ *** كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ
85 صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍ *** وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ
86 جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْ *** عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ
87 رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ *** لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ
88 مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ *** وَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ
89 حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها *** عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ
90 وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ *** وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ
91 خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما *** يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ
92 أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَت *** لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ
93 وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ *** بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ
94 سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً *** لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ
95 هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا *** هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ
96 وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ *** كَالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ
97 فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْ *** كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ
98 لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِما *** وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ
99 تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَرا *** وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ
100 يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي *** وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي
101 المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ *** لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ
102 مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًى *** وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ
103 اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ *** من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ
104 وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْ *** يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ
105 هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ *** تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ
106 البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ *** وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ
107 شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْ *** وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ
108 وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِ *** إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي
109 تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها *** في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ
110 مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ *** عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ
111 كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًى *** يُضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ
112 بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ *** كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ
113 ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً *** وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ
114 اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ *** وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ
115 إِن قُلتَ في الأَمرِ «لا» أَو قُلتَ فيهِ «نَعَم» *** فَخيرَةُ اللهِ في «لا» مِنكَ أَو «نَعَمِ»
116 أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُ *** وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ
117 وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً *** فَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَجَمِ
118 قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا *** لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ
119 جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ *** فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ
120 لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍ *** تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ
121 وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ *** ذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ
122 سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَتْ *** بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ
123 طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها *** في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ
124 لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها *** بِالسَيفِ ما انتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ
125 لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ *** وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ
126 لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهْرُ الشَريفُ عَلى *** لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ
127 جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ *** إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ
128 أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللهِ في نُزُلٍ *** فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ
129 عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ *** حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ
130 دَعَوتَهُمْ لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُمْ *** وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ
131 لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ *** ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ
132 تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ *** في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ
133 بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاعتَلَتْ سُرُرٌ *** لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَمْ وَلَم تَصُمِ
134 أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ *** وَلَم نُعِدَّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ
135 مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها *** تَرمي بِأُسْدٍ وَيَرمي اللهُ بِالرُجُمِ
136 عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ *** للهِ مُستَقتِلٍ في اللهِ مُعتَزِمِ
137 مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللهِ مُضطَرِمٍ *** شَوقًا عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ
138 لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى *** بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ
139 بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِمْ *** مِن أَسيُفِ اللهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ
140 كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ *** مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ
141 لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما *** تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ
142 شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها *** عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ
143 يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها *** كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ
144 غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًى *** وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ
145 نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِها *** تَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ
146 يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى *** حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ
147 لَمّا اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْ *** مَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ
148 وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً *** رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ
149 كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها *** في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ
150 لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا *** مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ
151 سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْ *** وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ
152 ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْ *** إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ
153 لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُ *** وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ
154 نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا *** عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ
155 دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا *** كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ
156 وَخَلِّ كِسرى وَإيوانًا يَدِلُّ بِهِ *** هَوى عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ
157 وَاترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ *** في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ
158 دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَتْ *** دارُ السَلامِ لَها أَلقَتْ يَدَ السَلَمِ
159 ما ضارَعَتها بَيانًا عِندَ مُلتَأَمٍ *** وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ
160 وَلا احتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها *** عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ
161 مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُمْ *** تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ
162 وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ *** فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ
163 يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا *** مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ
164 وَيُمطَرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ *** وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ
165 خَلائِفُ اللهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ *** فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ
166 مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً *** وَكَابنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ
167 وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِمًا *** بِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ
168 الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍ *** وَالناصِرُ النَدبُ في حَربٍ وَفي سَلَمِ
169 أَو كَابنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ *** يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ
170 وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيبًا وَيَنظُمُها *** عِقدًا بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ
171 جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما *** جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي
172 وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ *** بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ
173 بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ *** أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ
174 وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ *** في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ
175 يُجادِلُ القَومَ مُستَلًّا مُهَنَّدَهُ *** في أَعظَمِ الرُسلِ قَدرًا كَيفَ لَم يَدُمِ
176 لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ *** ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ
177 يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى *** نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ
178 مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها *** إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ
179 مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً *** ضُرًّا مِنَ السُهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ
180 رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًا *** وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ
181 وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ *** جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ
182 بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ *** شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى
183 وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً *** في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ
184 الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِمْ *** ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاشتَدَّ مِن عَمَمِ
185 الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ *** الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ
186 يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها *** وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ
187 سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ *** تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ
188 رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ *** أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ
189 فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا *** وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ
190 يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ *** فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ[/font[/center">]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
اسم الشاعر أحمد شوقي
العصر حديث
عدد الأبيات 190
البحر بسيط
الروي ميم
الغرض مدح
مصدر القصيدة الشوقيات (1/150-160)، تقديم حسين هيكل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان
المناسبة قالها معارضة لبردة البوصيري
1 ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ *** أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
2 رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا *** يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ
3 لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً *** يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي
4 جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي *** جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ
5 رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ *** إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ
6 يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ *** لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ
7 لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ *** وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ
8 يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا *** أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ
9 أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى *** أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ
10 سَرى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَسا *** وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ
11 مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًا *** اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي
12 السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى *** يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ
13 القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ *** وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ
14 العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما *** أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ
15 المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْ *** عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ
16 الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًا *** أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ
17 مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا *** لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ
18 يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ *** إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ
19 وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى *** يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ
20 يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَميِّ جانِبُهُ *** أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ
21 ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ *** أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ
22 مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ *** وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ
23 بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ *** وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ
24 لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًى *** مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ
25 يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ *** وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ
26 فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ *** كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ
27 مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ *** مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ
28 يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها *** جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ
29 لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها *** المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ
30 كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ *** لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ
31 طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ *** وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ
32 كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ *** إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمُ
33 يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها *** مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ
34 رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما *** أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ
35 هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها *** وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ
36 صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ *** فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
37 وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ *** وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ
38 تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى *** طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ
39 إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ *** في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ
40 أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى *** مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ
41 إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ *** عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ
42 وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ *** قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ
43 لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن *** يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ
44 فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ *** ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ
45 عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ *** في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ
46 يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ *** وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ
47 مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ *** وَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ
48 وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ *** مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي
49 سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً *** فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ
50 قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ *** مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ
51 نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا *** وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي
52 حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ *** نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ
53 لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُ *** بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ
54 سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما *** مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ
55 كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِما *** بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ
56 وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما *** أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ
57 يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ *** وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ
58 لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ *** فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ
59 وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ *** غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ
60 مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها *** قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ
61 إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها *** يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ
62 وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُها *** لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ
63 هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْ *** أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ
64 فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها *** وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ
65 تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ *** رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ
66 يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ *** هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ
67 لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ *** وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ
68 فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ *** بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ
69 جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ *** وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ
70 آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ *** يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ
71 يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ *** يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ
72 يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً *** حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ
73 حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ *** في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ
74 بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ *** تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ
75 سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ *** في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
76 تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ *** وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ
77 ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ *** مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ
78 أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ *** إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ
79 وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ *** لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ
80 مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ *** وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ
81 يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ *** وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ
82 وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ *** كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ
83 أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ *** وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ
84 لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْ *** كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ
85 صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍ *** وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ
86 جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْ *** عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ
87 رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ *** لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ
88 مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ *** وَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ
89 حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها *** عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ
90 وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ *** وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ
91 خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما *** يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ
92 أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَت *** لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ
93 وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ *** بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ
94 سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً *** لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ
95 هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا *** هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ
96 وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ *** كَالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ
97 فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْ *** كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ
98 لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِما *** وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ
99 تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَرا *** وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ
100 يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي *** وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي
101 المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ *** لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ
102 مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًى *** وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ
103 اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ *** من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ
104 وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْ *** يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ
105 هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ *** تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ
106 البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ *** وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ
107 شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْ *** وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ
108 وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِ *** إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي
109 تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها *** في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ
110 مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ *** عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ
111 كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًى *** يُضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ
112 بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ *** كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ
113 ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً *** وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ
114 اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ *** وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ
115 إِن قُلتَ في الأَمرِ «لا» أَو قُلتَ فيهِ «نَعَم» *** فَخيرَةُ اللهِ في «لا» مِنكَ أَو «نَعَمِ»
116 أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُ *** وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ
117 وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً *** فَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَجَمِ
118 قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا *** لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ
119 جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ *** فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ
120 لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍ *** تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ
121 وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ *** ذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ
122 سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَتْ *** بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ
123 طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها *** في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ
124 لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها *** بِالسَيفِ ما انتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ
125 لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ *** وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ
126 لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهْرُ الشَريفُ عَلى *** لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ
127 جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ *** إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ
128 أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللهِ في نُزُلٍ *** فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ
129 عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ *** حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ
130 دَعَوتَهُمْ لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُمْ *** وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ
131 لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ *** ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ
132 تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ *** في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ
133 بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاعتَلَتْ سُرُرٌ *** لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَمْ وَلَم تَصُمِ
134 أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ *** وَلَم نُعِدَّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ
135 مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها *** تَرمي بِأُسْدٍ وَيَرمي اللهُ بِالرُجُمِ
136 عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ *** للهِ مُستَقتِلٍ في اللهِ مُعتَزِمِ
137 مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللهِ مُضطَرِمٍ *** شَوقًا عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ
138 لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى *** بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ
139 بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِمْ *** مِن أَسيُفِ اللهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ
140 كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ *** مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ
141 لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما *** تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ
142 شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها *** عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ
143 يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها *** كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ
144 غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًى *** وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ
145 نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِها *** تَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ
146 يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى *** حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ
147 لَمّا اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْ *** مَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ
148 وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً *** رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ
149 كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها *** في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ
150 لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا *** مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ
151 سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْ *** وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ
152 ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْ *** إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ
153 لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُ *** وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ
154 نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا *** عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ
155 دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا *** كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ
156 وَخَلِّ كِسرى وَإيوانًا يَدِلُّ بِهِ *** هَوى عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ
157 وَاترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ *** في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ
158 دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَتْ *** دارُ السَلامِ لَها أَلقَتْ يَدَ السَلَمِ
159 ما ضارَعَتها بَيانًا عِندَ مُلتَأَمٍ *** وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ
160 وَلا احتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها *** عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ
161 مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُمْ *** تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ
162 وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ *** فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ
163 يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا *** مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ
164 وَيُمطَرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ *** وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ
165 خَلائِفُ اللهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ *** فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ
166 مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً *** وَكَابنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ
167 وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِمًا *** بِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ
168 الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍ *** وَالناصِرُ النَدبُ في حَربٍ وَفي سَلَمِ
169 أَو كَابنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ *** يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ
170 وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيبًا وَيَنظُمُها *** عِقدًا بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ
171 جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما *** جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي
172 وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ *** بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ
173 بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ *** أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ
174 وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ *** في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ
175 يُجادِلُ القَومَ مُستَلًّا مُهَنَّدَهُ *** في أَعظَمِ الرُسلِ قَدرًا كَيفَ لَم يَدُمِ
176 لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ *** ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ
177 يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى *** نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ
178 مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها *** إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ
179 مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً *** ضُرًّا مِنَ السُهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ
180 رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًا *** وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ
181 وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ *** جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ
182 بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ *** شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى
183 وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً *** في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ
184 الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِمْ *** ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاشتَدَّ مِن عَمَمِ
185 الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ *** الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ
186 يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها *** وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ
187 سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ *** تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ
188 رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ *** أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ
189 فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا *** وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ
190 يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ *** فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ[/font[/center">]
الخميس يناير 05, 2012 3:37 pm من طرف بنت القدس
» تهنئه بمناسبه عيد الاضحى المبارك
السبت أكتوبر 01, 2011 8:32 am من طرف مراد
» اسباب لاجلها البنات يحسدون الشباب ....أدخل وشوووووووف
الثلاثاء يناير 04, 2011 1:30 pm من طرف البنت الشرقيه
» بهدوء واحترام السلام عليكم
السبت ديسمبر 18, 2010 8:34 pm من طرف المقدسي
» كيف يحب الرجل..
الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 12:49 pm من طرف بسمه
» في خاطري كلمه ويمكن تبكيك!
الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 10:20 am من طرف بسمه
» الف الف الف مبروك ل ابو كرم
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 7:40 pm من طرف مراد
» الاعضاء الاعزاء صباحكوا روعه
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 10:20 am من طرف ابو كرم
» الشيخ رائد صلاح
الإثنين سبتمبر 27, 2010 7:01 pm من طرف مراد