إلى من رحلت دون وداع...

رحلت من كانت لأمي سنداً في الحياة..
تركت لأمي فراغاً ينوح بين العظيمات..
تركت لها دموعاً وبضع ذكريات..
أيّا من رحلت دون وداع..
وكأنّك أميرة نائمة في الفراش...
وكأنّك ما زلت تريدين معانقة الأحبّاء...
اليوم... ما عاد للبنات كلام...
خانتهم العبارات والآهات..
يشتاقون لضمّك..لصوتك..لهمسك..لضحكاتك
لحضنك الدافئ في الشتاء..لنصائحك التي تدعمهم في الشقاء
إنهم يبكونك أم يبكون قدرهم الأصفر العاري..؟؟!!
أم أن دموعهم باتت دماً مستنزفاً من القلب..لفراقهم إياك..
إنّي اليوم أحس وكأنّ الكلمات ما عادت تكفي...
إنّي أرى أمي تحترق شوقاَ إليك...أصبحت كشمعة مطفأة الفتيل
فقد كنت يا جدتي..نوراَ للحياة..وأملاً يضئ طريق الأنام..
اليوم.. تركتنا..وتركت خلفك نهراَ من الأحزان..
نهراً من الدموع والآلآم والأوجاع والصرخات والآهات..
لو كانت الأمنيّات.. تهب الإنسان الحياة..
لكنت تمنيّت بأن تعودي شمساً تضئ لبناتك الأيام..
لكنت تمنيّت بأن تعاودي الجلوس على ذلك السرير..
الذي أصبح من بعدك فارغاً من كل شئ..
أصبح بارداً كجسمك بعد الرحيل..
*******
إنّهم يناجونك سراً .. ويقولون:" أمّاه فلتعودي"
رأوك تغتسلين.. ويا ليتك اغتسلت بدموعهم الطّاهرة
كفنوك ببيض الثياب وكأنّك.. عروس تودّع الدنيا دون مئاب
ألقوا نظرة أخيرة على وجهك البارد..
حاولو أن يدفوك بأنفاسهم.. وبكائهم ..
كما كنت تفعلين لهم في الصغر..
لكنّهم اليوم.. ما استطاعوا لك شيئاً
وضعوك في صندوق صغير..فرأيت الدنيا بحجم ذلك الصندوق
وحملوك بأيديهم الثمانية.. إنّهم أولادك اليوم يجتمعون
كنت تتمنيّن دائما أن يجتمع شملهم.. واليوم اجتمعوا لحمل نعشك..
إنّهم يدفنوك.. يندمون قطيعتهم إياك في حياتك ..
فلتسامحيهم.. فإنّهم من بعدك..حياتهم بائسة ظالمة
*****
اليوم ..
دعائي لك جدتي.. بأن ينير الله قبرك..
ويوسعه عليك.. ويدخلك فسيح جناته..
ولك سلامي.. وامتناني.. لأنك ربيّت أمي..